تمتع العالم الإسلامي بميزات متعددة أكسبته أهمية كبيرة ، كما جعلته موطن الصراع بين القوى العالمية المختلفة ، ومن هذه المميزات :
أولا : موقعه الاستراتيجي :
فهو يشغل قلب العالم القديم ( آسيا ، وافريقيا ، وأوربا ) ويمتد على مسافة تقدر بنحو 20 ألف كم من الشرق الى الغرب ، ( من ايريانا في أندونيسيا إلى جزر الرأس الأخضر مقابل السنغال في المحيط الأطلسي ) . كما يبلغ امتداده من الشمال إلى الجنوب أكثر من سبعة آلاف كيلو مترا ، من جبال الآرال شمالا إلى موزمبيق جنوبا . فيشرف بذلك على الأذرع المائية من البحار والمحيطات ويتحكم في منافذها الهامة .
فالبحار الهامة التي يشرف عليها العالم الإسلامي هي :
1- البحر الأبيض المتوسط : وهو من أهم بحار العالم من حيث القيمة التاريخية والتجارية ، وتشغل أرض الإسلام ساحله الجنوبي وساحله الشرقي وبعض سواحله الشمالية – إلبانيا وآسيا الصغرى – وكان في العصور الوسطى بحيرة إسلامية ، وازدادت أهميته في العصور الحديثة بعد شق قناة السويس وبعد انتشار المواصلات الجوية ، حيث أصبح طريقا إجباريا للطيران التجاري الجديد .
2- البحر الأحمر : وهو بحر إسلامي ، يمتلك المسلمون سواحله كلها ، وقد ازدادت أهميته بعد اتصاله بالبحر الأبيض المتوسط بقناة السويس . فأصبح أخطر طرق المواصلات البحرية في العالم ، باعتباره حامل البترول ومعبر التجارة الأساسية ومجال تدفق القوة العسكرية ما بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود والمحيط الأطلسي وبين المحيط الهندي والمحيط الهادي ( ) .
ويبلغ طوله 3384 كم ومتوسط عرضه 240 كم ، ويقترب عند بدايته في الجنوب حيث مضيق باب المندب فلا يتجاوز الفاصل المائي 33 كم مما يسهل العبور بين جنوب غرب آسيا وشرق افريقيا ( ) .
3- بحر العرب : الذي يمتد من مضيق باب المندب الى الهند ، ويمتلك المسلمون سواحله جميعها .
4- الخليج العربي : وهو بحيرة إسلامية . تشرف عليه سواحل شبه الجزيرة العربية الشرقية وإيران والعراق .
5- البحر الأسود : وهو كذلك بحيرة إسلامية قبل أن يمتد الروس إلى بقاعه وسواحله الشمالية . بموجب منعاهدة كوجك قينارجي عام 1774 م ، حيث أصبح لهم منفذ مباشر عليه . وحصلوا على حق المرور بسفنهم في المضائق
6- بحر البنغال : وتقع عليه بنغلاديش ، وإقليم أراكان الإسلامي في بورما .
7- بحر الصين الجنوبي : ويطل عليه العالم الإسلامي من جهة ماليزيا الشرقية ، وبروني ، وبورنيو الاندونيسية ، ومورو في جنوب الفلبين .
وأما المحيطات الهامة فهي :
1- المحيط الأطلسي : ويمتلك المسلمون معظم سواحل إفريقيا الغربية المطلة على هذا المحيط من طنجة شمالا حتى خليج بيافرا جنوبا .
2- المحيط الهندي : ويمتلك المسلمون قسطا كبيرا من ساحل افريقيا الشرقية ( الصومال وتنزانيا ) المطلة على هذا المحيط ، كما يمتلكون شواطيء آسيا الجنوبية من باب المندب ، إلى كراتشي ( بحر العرب ) ، وشواطيء ماليزيا ، واندونيسيا .
3- المحيط الهادي : ويطل عليه العالم الإسلامي من خلال بعض جزر اندونيسيا والفلبين .
وأما أهم المنافذ المائية التي يتحكم فيها العالم الإسلامي فهي :
1- مضيق جبل طارق : ويتحكم في اتصال المحيط الأطلسي بالبحر الأبيض المتوسط .
2- مضيق بنزرت : الذي يحكم اتصال حوض البحر الأبيض المتوسط الغربي بحوضه الشرقي .
3- مضيق الدردنيل والبوسفور : وبينهما بحر مرمرة ، ويحكمان اتصال البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأسود .
4- قناة السويس : وهي من أهم المنافذ المائية الاصطناعية في العالم ، وتحكم اتصال البحر المتوسط بالبحر الأحمر .
5- مضيق باب المندب وخليج عدن : ويحكمان اتصال البحر الأحمر ببحر العرب والمحيط الهندي .
ومضيق باب المندب ( أو بوابة الدموع ) لا يزيد اتساعه عن ( 33 كم ) تقسمه جزيرة ( ميون ) أو ( بريم ) إلى قسمين ، ضيق من جهة الشرق ( 3 كم فقط ) والباقي من جهة الغرب ( ) .
6- مضيق هرمز وخليج عمان : ويحكمان اتصال الخليج العربي بالمحيط الهندي .
7- مضيق ملقا وسنغافورة : ويحكمان اتصال المحيط الهندي ببحر الصين الجنوبي والمحيط الهادي .
كل ذلك اكسب العالم الإسلامي أهمية استراتيجية وعسكرية لها خطورتها في ميزان القوى العالمية ، وهذا يفسر لنا الاضطرابات والخلافات الحادة بين الدول ذات النفوذ على العالم الإسلامي ، فهي تعمل على ابقائه مضطربا وتعمل على إثارة المشاكل حتى يبقى ممزقا يسهل التحكم فيه ، وبذلك نفسر الأسباب التي جعلت الدول الكبرى تثير النزاعات بين أقطار المغرب العربي ، ومشكلة تشاد ، وجنوب السودان ، وقضايا المسلمين في اثيوبيا واريتريا والصومال ، والنزاع بين اليمن الشمالي والجنوبي ، والحرب العراقية الإيرانية وامتداد آثارها وأزمة لبنان ، وزرع اسرائيل في فلسطين ، والنزاع بين اندونيسيا وماليزيا ، وانفصال بنغلاديش عن باكستان ، وغزو افغانستان . إذ يحاول المعسكران الشيوعي والغربي على منع الوحدة والتعاون بين أجزاء العالم الإسلامي بأي ثمن ، وهذا ما يتفق عليه المعسكران وإبقاء المنطقة منطقة صراع على النفوذ وقودها أهلها وامكانياتها الهائلة التي تذهب هدرا ولمصلحة الغرب أو الشرق ومصانعهما